-->
الشارع بث مباشر الشارع بث مباشر
random

آخر الأخبار

random
random
جاري التحميل ...
random

«تل اليهودية».. المنطقة الأثرية التي تحولت إلى وكر للبلطجية وتجار المخدرات

البديل | كتب: هناء سويلم

يقع تل اليهودية على بعد حوالي 3 كم جنوب شرق مدينة شبين القناطر بالقليوبية، ويرجع سبب تسمية المكان بهذا الاسم إلى مجموعة من اليهود فروا من اضطهاد ملك سورية “أمنحوتب الرابع” وطلبوا الأمان من ملك مصر “بطليموس الخامس” فسمح لهم بدخول الأراضي المصرية، واستقرت قافلتهم بقيادة زعيمهم الديني “أونياس” في تلك المنطقة التي كانت تسمى في العصور الفرعونية بـ رع. حر. محيت. أون، أي مدينة رع في الجهة الشمالية من أون عين شمس الحالية.
صورة ارشيفية
 وتمكنت تلك المجموعة من بناء معبد صغير على جزء من المعبد الفرعوني، وشاعت التسمية بعد ذلك على المنطقة بأكملها بتل اليهودية، وهناك رواية أخرى أن سيدات اليهود كان عندهن اعتقاد أكيد في مسألة بركة المكان وقدرته على حل مشكلة عدم الإنجاب.
هذه المنطقة تقع ضمن المناطق الأثرية القديمة، والدليل على ذلك أن هناك نقوشا فرعونية موجودة على الحجر، وهي السبب في هذا الاعتقاد لأن ترجمتها توحي بذلك وتؤكده، وتحتضن منطقة تل اليهودية تاريخ الفراعنة ويرجع تاريخها إلى عصر الدولة الوسطى وشيد بها حصن يرجع تاريخه إلى عصر الهكسوس من عصر الاضمحلال الثاني حيث عثر على معسكر هكسوسي تم اكتشفه عام 1906.
وتعتبر منطقة تل اليهودية أحد المحطات الرئيسية على الطريق البري بين عين شمس (أوان) ووادي الطميلات والشرق بصفة عامة، وأحد اقرب المواقع إلى (منف) العاصمة الأولى لصمر الموحدة، وأحد المواقع القليلة التي استوطن بها اليهود في العصر البطلمي.
وفي عام 2013 كشفت بعثة وزارة الآثار داخل حصن الهكسوس “المعروف بالمعسكر الكبير” بموقع تل اليهودية عن تحصينات ضخمة من الطوب اللبن يبلغ ارتفاعها حوالي 4 أمتار تم بناؤها داخل الجسر الرملي المكون لحصن الهكسوس، بالإضافة إلى بقايا مدينة سكنية في الجانب الشمالي الشرقي من تل اليهودية تضم العديد من الآثار المنقولة تمتد من عصر الدولة الوسطى (2061 – 1786 ق.م) وحتى العصر اليوناني الروماني (332ق م -641 م)، ومن بين القطع المكتشفة داخل المدينة السكنية مجموعة من المسارج وبلاطات الفيانس المستخدمة في تزيين قصري كل من الملك مرن بتاح ورمسيس الثالث واللذين بنيا في موقع تل اليهودية، بالإضافة إلى عدد من الجعارين والأواني الفخارية المصممة على طراز تل اليهودية المميز لعصر الهكسوس.
ونجحت البعثة في الكشف عن أول جبانة صخرية بالموقع تعود إلى عصري الدولة الوسطى والحديثة، بالإضافة إلى كشف المزيد من المقابر من الطوب اللبن تعود إلى عصر الهكسوس عثر في مقابلها على دفنات مخصصة للحمير، التي تعد رمزاً للمعبود “سوتخ” الذي عبد في عصر الهكسوس.
وشاع بين بعض الناس أن ممارسة طقوس معينة من تخطي الأحجار الفرعونية بهذه المنطقة وممارسة الجنس عليها والغسل من إبريق فخار وكسره بعد ذلك على الحجر يؤدي ذلك إلى حدوث الحمل للسيدات العاقرات أو اللاتي تغيب الحمل عنهن.
صورة ارشيفية
تجولت “البديل” بمنطقة تل اليهودية لترى أهم المعالم الأثرية كيف أصبح حالها، وتحول واحدة من أعظم المناطق الأثرية إلى “وكر” للمخدرات، ومكانًا للعصابات والبلطجية ومأوى من لا مأوى له مع الكلاب والقطط الضالة.
تسمع عند الالتقاء ببعض أهالي المنطقة العديد من الحكايات الخرافية والخزعبلات عن منطقة تل اليهودية، فيقول “عبد العزيز جمعة” إن تل اليهودية أصله مقابر وعندما تأتي إليه الحيوانات يتضاعف اللبن في ضرعها بمجرد أن ترى عذاب القبر عند زيارتها للمنطقة فيحدث رعب من هول ما تراه، فيؤدي ذلك إلى انقباض الرحم ويعود اللبن مرة أخرى أو تحدث عملية حمل، موضحًا أن الإنسان لا يمكن أن يحدث معه ذلك لأنه لا يستطيع أن يرى عذاب القبر، ولكن هناك العديد من النساء العاقرات تأتين إلى تل اليهودية لتحقق حلم الحمل.
ويسرد “محمود عبد الرحيم” قصة الحجر الذي يعتلى التل، فهو حجر لا مثيل له ويقال إن له سحرًا عجيبًا ولا يجرؤ أحدا على سرقته بالرغم من أن المكان لم يكن يتبع الآثار وكان من دون حراسة بشرية، وسحر هذا الحجر في جعل السيدات العاقرات يحملن بعد ممارسة طقوس معينة كالطواف حوله سبع مرات والاغتسال فوقه وقضاء ليله مع زوجها أملًا في حدوث خوارق هذا الحجر، وروى قصة عن سيدة جاءت إلى المكان وذهبت بعد ممارسة الطقوس التي تمارس فوق التل وعادت بعد عام وهى تحمل طفلها بين يديها.
وتكلم “محمد جمال” عن المنطقة التي أصبحت مهمله بشكل تام بالرغم من أنها مدينة مصرية فرعونية قديمة لم يشملها أي تطوير وأصبحت منطقة لرعي الأغنام، وامتلأت بعشش البلطجية وتجار المخدرات و بالرغم من معاناة شبين القناطر من عدم وجود مساحات لإقامة مشروعات خدمية إلا أن هيئة الآثار تضع يدها عليها، موضحًا أنه تم إنشاء مبنى بجوار تل اليهودية ليصبح متحفا ورغم إنشائه منذ سنوات لم يحدث شيء وتحول المبنى إلى مكان إداري.
وقال “محمد عبد الرحمن” إنه لم يتم التنقيب عن آثار المنطقة منذ عقود من الزمن وحتى الآن، بل إن المنطقة أصبحت نكبة على القرى المجاورة والواقعة بمركز شبين القناطر والخانكة، لأنه لا يتم عمل شيء بهذه القرى إلا بعد موافقة الآثار خاصة عند عمليات الهدم والبناء والحفر، حيث يتطلب ذلك موافقة الآثار بعد تقديم طلب مما يصعب الاستفادة من هذه المساحات الكبيرة التي تحولت إلى أرض فضاء، ورغم النداءات المتكررة من أهالي المدينة إلى مسئولي الآثار إلا أنها تذهب أدراج الرياح.
فيما تكلم السيد عبد الفتاح عن تحول المنطقة إلى وكر لتجارة المخدرات وقدوم البلطجية لتتخذ من المنطقة مخبأ من رجال الشرطة.
يذكر أنه على مر السنوات القليلة الماضية كان هناك أكثر من خطة للنهوض بآثار المحافظة وتم تشكيل لجنة لهذا الغرض وإنشاء متحف لـ4500 قطعة أثرية وحصر الأماكن السياحية والبدء في إصلاحها وترميمها، وتم إعداد دراسات ومؤتمرات، ولكن الحال مازال كما هو دون خطوة واحدة منذ عام 2002 وحتى الآن، ولكن واقع الحال يؤكد أن كل هذه الدراسات مجرد حبر على ورق، حيث تمت مخاطبة وزارة الآثار من قبل للتنقيب عن آثار القليوبية وخصوصا بمنطقة تل اليهودية.

التعليقات



جميع الحقوق محفوظة

الشارع بث مباشر

2018


تطوير

ahmed shapaan